نحل لمكافحة الإرهاب وتشخيص الأمراض

كليف كوكسون - - 30/01/1427هـ
يتم تدريب الحشرات للقيام بعدة أدوار، من شم المتفجرات إلى تشخيص السل.

يتنافس النحل البريطاني مع الدبابير الأمريكية للعب دور كشاف عطري حساس جداً، لاستخدامات تتضمن شم المتفجرات، تشخيص الأمراض، ومراقبة نوعية الغذاء.
هذه الحشرات تتمتع بحساسية تماثل تلك التي تتمتع بها الكلاب البوليسية، لكن يمكن "تدريبها" بسرعة أكبر من سرعة تدريب الكلاب لتمييز جزيئات محددة.
وكان العلماء يعرفون منذ عقود أن لدى الحشرات حاسة شم مذهلة، وأنها قادرة على تحري الجزيئات الموجودة في الهواء بتركيز أقل من جزء لكل تريليون (مليون مليون)، لكنهم أخيرا فقط اكتشفوا طرقاً لاستغلال تلك القدرة.
وكانت شركة بريطانية تسمى "إنسينتينيل" Inscentinel، ومقرها روثامستيد ريسيرتش في هيرتوفوردشاير، شمالي لندن، تعمل منذ أربع سنوات لاستخدام نحل العسل للكشف عن آثار البخار. وفي الولايات المتحدة يستخدم الباحثون في جامعة جورجيا دبابير طفيلية بطرق مشابهة.
وبسبب صعوبة التحكم بالحشرات التي تطير بحرية، طور كل من فريقي البحث تقنية للاحتفاظ بها داخل وحدات استشعار متنقلة. ومن ثم يقوم تحليل الصور المحوسب، على أساس سلوكها داخل تلك الوحدات، بإظهار ما إذا كان بإمكان النحلات أو الدبابير شم الجزيئات المستهدفة.
ويمكن تدريب هذين النوعين من الحشرات خلال دقائق قليلة للتعرف على جزئ معين، باستخدام نظرية التكيف لبافلوف. ويتم إطعام النحل أو الدبابير محلول السكر في الوقت نفسه الذي تشم فيه المادة الكيماوية الموضوعة قيد الدراسة - من المحتمل أن تكون، مثلا، مادة متفجرة من صنع الإنسان أو مركباً طبيعياً نتج عن طعام فاسد.
الفرق الأكثر وضوحاً بين المدخلين هو أن دبابير جورجيا تدور داخل أوعية تعقب الدبابير Wasp Hound الخاصة بها، وهناك مروحة لجذب الهواء عبر فتحة صغيرة في أحد الأطراف، وإذا كان الجزيء المستهدف موجوداً، تتجمع الحشرات حول هذه الفتحة.
وفي المقابل، فإن النحل في إنسينتينيل تثبت فعلياً في أجهزة صغيرة. وتحتوي كل وحدة تحر على "شريط" مع ثلاث نحلات وكاميرا تركز على رؤوس الحشرات. وخلال وجود الرائحة التي تلقت التدريب عليها، تقوم النحلات بإخراج ممصّاتها أو ألسنتها الطويلة.
وتقول راشيل كارسون المدير العام للشركة، إن الحشرات تقضي يومين في العادة داخل الشريط ومن ثم يتم إطلاقها كي تعود إلى خليتها - دون أن تظهر عليها أي بادرة من بوادر الضيق.
والتمويل الرئيسي لكلا النظامين أتى حتى الآن من مؤسسات الأمن والحماية الحكومية. وتقول كارسون: "أعتقد أن الاستخدامات التجارية الأولى ستكون في التدقيق الأمني". وتضيف: "أجرينا تجارب ميدانية على متفجرات مخبأة في سيارات ونحن على وشك البدء في تجربة للبحث عن متفجرات في شحنات البضائع الجوية".
وتعمل "إنسينتينيل" - وأكسفورد تكنولوجي فينتشر كابيتال ترستس Oxford Technology Venture Capital Trusts- على الاستخدامات الطبية، وعلى تدريب النحل على شم الجزيئات "المؤشرة" التي تنتجها بكتيريا وأورام معينة.
وهدف أحد المشاريع التي تمت بالتعاون مع كلية لندن للأدوية الصحية والاستوائية، هو تشخيص داء السل. وركز مشروع آخر تم بالتعاون مع مستشفى أميرشام على سرطان المثانة.
وتقول كارسون إن هناك استخدامات واعدة كذلك في صناعة الأغذية والمشروبات - مثل، الكشف عن فساد في عصير البرتقال الطازج.
ويعمل فريق جورجيا كذلك على استخدامات غير أمنية، مثل الكشف عن الشقوق في خطوط الأنابيب الكيماوية والسموم الطبيعية التي تنتجها فطريات الجوز وأطعمة أخرى.
ولم يتم حتى الآن نشر مقارنات متوازية بين النظامين، لكن كل فريق يرى في الكلاب المستنشقة وأدوات "الأنف الإلكترونية" منافسا رئيسيا. ويقول جلين راينز من جامعة جورجيا: "تزيد حساسيتنا عن حساسية تكنولوجيا الأنف الإلكترونية بمائة مرة". ويضيف: "يمكن أن يستغرق تدريب الكلاب ستة أشهر ويكلف 15 ألف دولار".
وإذا كسبت الحشرات المستنشقة موقعاً لها في سوق الكشف الكيماوي، فمن المحتمل أن يكون هناك متسع لكل من النحل والدبابير.


منقول عن
صحيفة الاقتصادية الالكترونية
الأربعاء, 16 ذو القعدة 1427 هـ الموافق 06/12/2006 م - العدد 4804