الكويت /نقص المراعي «يلحس» العسل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



القبس في زيارة لمزرعة «فجر» للنحل بالوفرة:
نقص المراعي «يلحس» العسل

2014/01/09
علاء عبد الفتاح

المزرعة تُقرأ من عنوانها.. ثمة رسمة لنحلة سعيدة عند البوابة الأمامية (مأخوذة غالبا من الكرتون العالمي للأطفال Bee)، ثم نمضي بعد اجتياز مسكن الحارس القابع على يسار البوابة إلى طريق محفوف بأشجار السدر.. على اليمين هناك مجموعة من الخلايا الخشبية مصفوفة بشكل منتظم.. وفي نهاية المزرعة مجموعة أخرى من الخلايا، لكن في طريقها للتجهيز حق الموسم المقبل (موسم أزهار الربيع).
هي مزرعة فجر لعسل النحل بالوفرة الزراعية، مساحتها كما يقول صاحبها فهد الكنيميش لــ القبس 30 ألف متر مربع، وحاليا بها 850 شجرة سدر لـ120 خلية نحل، ومع ذلك فالمزرعة لها 650 خلية موزعة على مساحات أخرى بالمزارع والحدائق وفق نظام المشاركة، فيكون على صاحب الخلايا توفير كل شيء ما عدا المكان، وله %75 من الانتاج، بينما يحصل صاحب المكان على %25 من العسل والشمع.
والسؤال الآن لماذا لا تتكفل الدولة بتوفير مراعي للنحل الذي انتج هذا الموسم أكثر نحو 55 طن عسل بحسب تقديرات الفرز الأخير؟؟ لماذا تترك هيئة الزراعة النحالين بدون زراعات ليس بالضرورة قسائم زراعية لتربية النحل (فقد أوضح رئيس الهيئة المهندس جاسم البدر لنا أن قرار الوقف اتخذه مجلس الإدارة منذ سنوات لأسباب جوهرية)، ولكن بزراعة أشجار السدر في كل مكان ممكن، وبتشجيع مبادرات الشباب التطوعية في هذا الشأن!

على الصفِّين
طالعتنا أشجار السدر عن اليمين وعن الشمال ورأينا العمال على يسار بوابة المزرعة في مقرهم المكون من غرفتين.. كانت الحركة هادئة فقد حان وقت الغداء..
قابلنا الكنيميش ليرينا نظام العمل في مزرعته.. كانت الشغالات عائدات، فطلب منا أن نبتعد عن طريقها فهي لا تحب من يعوقه وهي عائدة من رحلتها الصباحية.. واحدة واحدة تهبط على ممر افتراضي وتمر من بوابة عليها ذكر أمن شديد البنية.. الشغالة لا تلتفت له بل تبرز تصريح الدخول عبر رائحة خاصة فتمر بسلام..

مشهد عجيب
رأينا هذا المشهد العجيب بأعيننا مندهشين، بينما علق فهد الكنيميش، قائلا: تعرف أنه لا يمكن وضع أكثر من 10 خلايا في مكان واحد، فالمرعى محدود ويمكن أن يموت النحل من المنافسة على الغذاء وعلى الرغم من زراعتي لكل أشجار السدر هذه، فلابد أن أوزع الخلايا على آخرين.

ملكة العسل
طلبنا أن يفتح لنا إحدى الخلايا، فشرح لنا أننا سنميز نحلة كبيرة هي الملكة التي تتمتع بمبيضين، عدد فروعهما نحو 300 فرع كي تضع 1500 بيضة تقريباً يومياً. كما عرفنا أن الشغالات التي تحيط بالملكة مهمتها إطعامها الغذاء الملكي الذي يفرز من رؤوس شغالات صغيرة السن مباشرة، ولا يتم تخزينه، بل تلتهمه الملكة طازجا (فرش)، بينما تقوم مجموعة شغالات أخرى بتنظيف جسم الملكة اليعسوب أو أم الطائفة التي فقدت غريزة الأمومة بسبب كثرة إنتاجها، وتركت الشغالات تقوم بتربية مواليها بالنيابة عنها.

إنتاج الموسم
سألنا عن إنتاج هذا الموسم فقال صاحب المزرعة: كل خلية أنتجت نحو 5 كيلوغرامات في موسم السدر هذا، أي أنتجنا 3600 كيلو سدر والحمد لله في موسم من أفضل المواسم التي مرت علينا.
وماذا عن خطط النحّالين المستقبلية بعد موسم السدر؟ يقول الكنيميش: هذه المرحلة الآن نطلق عليها الـ«تشتية» وعلى العمال تنظيف الخلايا وتعبئة العسل استعدادا لتوزيعه وبيعه، ثم تأتي مرحلة لاحقة في منتصف فبراير فيها استورد طرودا جديدة من مصر لتعويض النحل الذي هلك بسبب البرد أو أي ظروف أخرى، ولكي أجدد دماء الخلايا أيضا.

عبوات جاهزة
نترك المزرعة السعيدة بحسن التنظيم وامتنان العمال للعمل فيها، وقد رأينا عبوات العسل الطبيعي من دون أي إضافات تملأ الكراتين بأغطيتها الخضراء المزدوجة التي تتيح انسياب خيط كثيف منه عند حاجة الاستعمال.

خلايا النحل
في شرفته الخاصة يضع الكابتن أشرف (مدرب كاراتيه بنادي السالمية) عددا قليلا من خلايا النحل، وهو لا يتاجر في عسلها أو شمعها أو باستخدام سمها في القرص العلاجي أو مايسميه العلاج التكميلي، وانما يفعل كل هذا تقربا لله كما قال لـ القبس عندما التقيناه أمام مسجد العسعوسي، يوزع مقادير صغيرة من الشمع المخلوط بالعسل على الأصدقاء قال لنا:عسل النحل مضاد حيوي طبيعي ومقوى لجسم الإنسان، أما سم النحل الذي يفرزه عندما يشعر بالخطر، فيدب إبرته الخلفية في جسد من يتخيل انه العدو، ففيه عناصر أهم تحفز جهاز المناعة وتجعله ينشط ويلتهم الخلايا الغريبة والميكروبات التى نجحت في اختراق الجسد.

إنتاج مهم
ويضيف كابتن أشرف: انتاج العسل يحتاج الى مراع واسعة بالهكتارات، وهو انتاج مهم جدا، وكما تقول الموسوعات العلمية عبارة عن مادة غذائية هامة تحتوي على سكريات أغلبها أحادي وخمائر وأحماض أمنية وفيتامينات متنوعة، ويتم تصنيعه من رحيق الأزهار الذي تجمعه شغالات النحل من الأزهار المتنوعة والمنتشرة في حدود المرعى حول المنحل وبعد أن يتحول هذا الرحيق عبر عمليات الهضم الجزئي وتقليل الرطوبة إلى سائل سكري يخزن في العيون السداسية وتختم عليها بأغطية شمعية والغرض من تخزينه هو توفيره كطعام للخلية وللحضنة.

فتوة الخلية
ثمة «فتوة» يبدو أن أصله ذكر نحل يقف على باب الخلية الأمامي وهي فتحة صغيرة تعادل عشرة أضعاف جسمه تقريبا ولا يمكن أن تعبرها نحلة غريبة، فالنحل يميز بعضه البعض من خلال رائحة مميزة بمثابة تصريح مرور وان ضلت نحلة طريقها واتجهت الى بوابة أخرى فالموت المحقق لها هكذا شرح لنا صاحب المزرعة فهد الكنيميش الحارس يضرب ويصدر فرمانا كإنذار ساعتها يتجمع النحل على الغريب و«يذبحه».

علاج للأورام الخبيثة
من ملف زودنا به صاحب المزرعة عرفنا أن أحد العلماء، ويدعى ألن كيلاس، اكتشف أن بعض أنواع العسل تحتوي على عنصر الراديوم خاصة في العسل المشمع، وأن لهذا العنصر أهمية علاجية كبيرة لأنه يستخدم في علاج الأورام الخبيثة.

الزراعة تدرِّب ولا توزِّع!
قال عدد من مربي النحل الذين التقيناهم ان دورات الارشاد بالهيئة العامة للزراعة بشأن تربية النحل وانتاج العسل أفادتهم كثيرا في مشروعاتهم، وان كان قرار الهيئة بوقف توزيع قسائم النحل يزعج البعض، فعلى الهيئة استرضاء الكل باستكمال هذه الدورات التي تشرح كيفية تربية النحل وإنتاج العسل.

فوائد أخرى
بخلاف عسل السدر الذي أنتجته مزرعة فجر، هناك أنواع أخرى أطلعنا عليها الكابتن أشرف الجمل لفوائدها الصحية وهي عسل الكينا عنبري اللون الذي يحسن الجهاز التنفسي كاملاً خاصة في حالة البلغم والحساسية الصدرية ولمرضى الربو، والجهاز البولي ابتداء من الكلى، أما عسل البرسيم الحجازي فيحفظ نسبة السكر بالدم ومدر للبول بينما عسل الحمضيات يدهن به الوجه لإزالة الكلف.

شركات التشجيع عشر
عرفنا من مربي النحل المخضرم العم توفيق المشاري أن في الكويت 10 شركات محلية متخصصة، في شراء وتسويق العسل المحلي، مما يشجع على تربية النحل في المنازل أو على الأسطح.

«الخضيري» غائب
من أسباب غزارة انتاج عسل السدر هذا العام غياب طائر الخضيري الذي يلتهم النحل الخارج طلبا للرحيق.

الجريدة الكويتية /القبس

خلايا انتاج العسل لا تجد المرعى